فصل: (باب الشين والقاف وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الشين والظاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شظف‏)‏

الشين والظاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على الشّدّة في العيشِ وغيره‏.‏ والأصل من ذلك الشَّظيف* من الشَّجر‏:‏ الذي لم يجِدْ رِيَّهُ فيبِس وصلُب، فيقال من هذا‏:‏ فلانٌ هو في شَظَف من العَيش، أي ضِيق وشِدّة‏.‏ وجاء في الحديث‏:‏ ‏"‏لم يشبَعْ من خُبزٍ ولحم إلاَّ على شظف‏"‏‏.‏ وقال ابن الرِّقَاع‏:‏

ولقد أَصبتُ من المعيشةِ لَذَّةً*** ولقيتُ من شَظَفِ الأمور شدادَها

ويقال في هذا الباب من الشدة‏:‏ بعيرٌ شَظف الخِلاط، أي يُخالِط الإبلَ مخالَطة شديدة‏.‏ وشَظِف السّهمُ، إذا دخل بين الجلد واللّحم‏.‏

‏(‏شظم‏)‏

الشين والظاء والميم كلمة واحدة‏.‏ يقال للفرس الطويل‏:‏ شَيْظَم، ثم يستعار للرّجُل‏.‏

‏(‏شظي‏)‏

الشين والظاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على تصدُّع الشيء من مواضع كثيرة، حتى يصيرَ صُدُوعاً متفرّقة، من ذلك الشَّظِيّة من الشيء‏:‏ الفِلْقة‏.‏ يقال تَشَظَّت العصا، إذا كانت فِلَقا‏.‏ قالت فَروةُ بنتُ ‏[‏أبانَ بن‏]‏ عبدِ المَدَان‏.‏

يا مَنْ أحسَّ بُنَيَّيَّ اللّذِينَ هما*** كالدُّرَّتين تَشظّى عنهما الصَّدفُ

‏(‏باب الشين والعين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شعف‏)‏

الشين والعين والفاء يدلُّ على أعالي الشيء ورأسه‏.‏ فالشَّعَفة‏:‏ رأس الجبل، والجمع شَعَفات وشَعَفٌ‏.‏ وضُرب فلانٌ على شَعفات رأسه، أي أعالي رأسِه‏.‏ وشَعَفةُ القلب‏:‏ رأسُه عند مُعَلَّق النِّياط‏.‏ ولذلك يقال شَعَفه الحُبَّ، كأنَّه غَشّى قلبَه من فَوقه‏.‏ وقرأها ناس‏:‏ ‏{‏قد شَعَفَهَا حُبَّاً‏}‏ ‏[‏يوسف 30‏]‏، وهو من هذا‏.‏ وجاء في الحديث‏:‏ ‏"‏خيرُ النّاسِ رجُلٌ في شَعَفَةٍ في غُنَيْمةٍ‏"‏، يريد‏:‏ أعلى جَبَل‏.‏

‏(‏شعل‏)‏

الشين والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ وتفرُّق في الشيء الواحد من جوانبه‏.‏ يقال أشعلْتُ النّار في الحطب، واشتعلت النّارُ‏.‏ واشتعل الشّيب‏.‏ قال الله تباركَ وتعالى‏:‏ ‏{‏وَاشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْباً‏}‏ ‏[‏مريم 4‏]‏‏.‏

والشَّعِيلة‏:‏ النار المُشْعَلة في الذُّبَال‏.‏ وأشعلْنا الخيلَ في الإِغارة‏:‏ بَثَثْناها‏.‏ والشُّعْلة من النّار، معروفة‏.‏ والشَّعَل‏:‏ بياضٌ في ناصيةِ الفَرَس وذَنبه؛ يقال فرس أشعل، والأنثى شَعْلاء‏.‏

ومن الباب‏:‏ تفرَّقَ القومُ شعاليلَ، أي فِرَقاً كأنَّهم اشتعلوا‏.‏ وشَعْل‏:‏ لقب، ويقال اسم امرأة‏.‏

ومما شذَّ عن الباب المِشْعَل، وهو شيءٌ من جلود، لـه أربعُ قوائم يُنْتَبذ فيه‏.‏ قال ذو الرُّمَّة‏:‏

أَضَعْنَ مَوَاقِتَ الصَّلَواتِ عَمْداً*** وحالَفْنَ المشاعِلَ والجِرارا

‏(‏شعي‏)‏

الشين والعين والحرف المعتل، أصلٌ يَدُلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الذي قَبْلَه‏.‏ يقال أَشْعَى القومُ الغارةَ إشعاء، إذا أَشْعَلُوها‏.‏ وغارةٌ شَعْواء‏:‏ فاشية‏.‏ قال ابنُ قيس الرّقيَّات‏:‏

كيفَ نَومِي على الفِراشِ ولمَّا*** تَشْمَل الشّامَ غارةٌ شعواءُ

‏(‏شعن‏)‏

الشين والعين والنون كلمة‏.‏ يقولون‏:‏ هو مُشْعَانُّ الرأس، إذا كان ثائر الرأس‏.‏

‏(‏شعب‏)‏

الشين والعين والباء أصلان مختلفان، أحدهما يدلُّ على الافتراق، والآخر على الاجتماع‏.‏ ثمَّ اختلف أهلُ اللغة في ذلك، فقال قومٌ‏:‏ هو من باب الأضداد‏.‏ وقد نصَّ الخليلُ على ذلك‏.‏ وقال آخرون‏:‏ ليس ذلك من الأضداد، إنّما هي لغات‏.‏ قال الخليل‏:‏ من عجائب الكلام ووُسْع العربيَّة، أنَّ الشَّعْب يكون تفرُّقاً، ويكون اجتماعاً‏.‏ وقال ابن دريد‏:‏ الشَّعب‏:‏ الافتراق، والشَّعْب‏:‏ الاجتماع‏.‏ وليس ذلك من الأضداد، وإنّما هي لغةٌ لقوم‏.‏ فالذي ذكرناه من الافتراق‏.‏ وقولهم للصَّدْعِ في الشيء شَعْب‏.‏ ومنه الشَّعْب‏:‏ ما تشعّبَ من قبائل العرب والعجم، والجمع شعوب‏.‏ قال جل ثناؤه‏:‏ ‏{‏وَجَعلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ‏}‏ ‏[‏الحجرات 13‏]‏‏.‏ ويقال الشَّعب‏:‏ الحَيُّ العظيم‏.‏ قالوا‏:‏ ومَشعب الحقّ‏:‏ طريقُه‏.‏

قال الكميت‏:‏

فما لِيَ إلاَّ* آلَ أحمدَ شيعةٌ*** وما لي إلاّ مَشعَب الحقِّ مَشْعَبُ

ويقال‏:‏ انشعبت بهم الطُّرق، إذا تفرَّقَتْ، وانشعبت أغصانُ الشجرة‏.‏ فأمَّا شُعَب الفَرَس، فيقال إنَّه أقطارُهُ التي تعلُو منه، كالعنق والمَنْسِج، وما أشرف منه‏.‏ قال‏:‏

* أشمُّ خِنذيذٌ منيفٌ شُعَبُهْ*

ويقال ظبيٌ أشعبُ، إذا تفرَّق قرناه فتبايَنَا ببينونةً شديدة‏.‏ قال أبو دُؤاد‏:‏

وقُصْرَى شَنجِ الأنسا*** ءِ نَبّاحٍ من الشُّعْبِ

والشِّعب‏:‏ ما انفرَجَ بين الجبلَين‏.‏ وشَعوبُ‏:‏ المنِيّة؛ لأنَّها تَشعَب، أي تفرِّق‏.‏ ويقال شَعبتْهم المنيّة فانشعبوا، أي فرّقتْهم فافترقوا‏.‏ والشَّعِيب‏:‏ السِّقاء البالي، وإنَّما سمِّي شَعِيباً لأنَّهُ يَشْعَب الماء الذي فيه، أي لا يحفظُهُ بل يُسيله‏.‏ قال‏:‏

* ما بالُ عَيْنِي كالشَّعيب العَيَّن*

قال ابن دريد‏:‏ ‏"‏وسمِّي شعبانُ لتشعُّبِهم فيه، وهو تفرُّقُهم في طلب المياه‏"‏‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏ما هذه الفُتْيا التي شعَّبت الناس‏؟‏‏"‏‏.‏ أي فرّقتهم‏.‏

وأما الباب الآخر فقولهم شَعَبَ الصَّدْعَ، إذا لاءمَه‏.‏ وشَعَبَ العُسَّ وما أشبهه‏.‏ ويقال للمِثْقَب المِشْعَب‏.‏ وقد يجوز أن يكون الشَّعْب الذي في باب القبائل سمِّي للاجتماع والائتلاف‏.‏ ويقولون‏:‏ تفرَّق شَعْب بني فلان‏.‏ وهذا يدلُّ على الاجتماع‏.‏ قال الطّرِمَّاح‏:‏

* شَتَّ شعبُ الحَيِّ بعدَ التئامْ*

ومن هذا الباب وإن لم يكن مشتقاً شَعَبْعَـب، وهو موضعٌ‏.‏ قال‏:‏

هل أَجْعلنَّ يدِي للخَدّ مِرْفَقةً*** على شَعَـبْعَب بين الحوض والعَطَنِ

وُشعَبَى‏:‏ موضع أيضاً‏.‏

‏(‏شعث‏)‏

الشين والعين والثاء أصل يدل على انتشارٍ في الشَّيء‏.‏ يقولون‏:‏ لمّ اللهُ شَعثَكم، وجَمَعَ شَعَثَكم‏.‏ أي ما تفرَّق من أمركم‏.‏ والشَّعَث شَعَثُ رأس السِّواكِ والوتِد‏.‏ ويسمُّون الوتِدَ أشعثَ لذلك‏.‏

‏(‏شعذ‏)‏

الشين والعين والذال ليس بشيء‏.‏ قال الخليل‏:‏ الشَّعْوَذة ليست من كلام أهل البادية، وهي خِفّة في اليدين، وأُخْذةٌ كالسِّحر‏.‏

‏(‏شعر‏)‏

الشين والعين والراء أصلان معروفان، يدلُّ أحدهما على ثَباتٍ، والآخر على عِلْمٍ وعَلَم‏.‏

فالأوّل الشَّعَْر، معروف، والجمع أشعار، وهو جمع جمعٍ، والواحدة شَعَْرة‏.‏ ورجلٌ أَشْعَرُ‏:‏ طويل شَعَْر الرّأس والجسد‏.‏ والشَّعار‏:‏ الشَّجر، يقال أرض كثيرة الشَّعار‏.‏ ويقال لِمَا استدار بالحافر من مُنتهى الجلد حيثُ ينبت الشَّعر حوالَيِ الحافر‏:‏ أَشْعَرٌ، والجمع الأشاعر‏.‏ والشَّعراء من الفاكهة‏:‏ جنسٌ من الخَوْخِ، وسمي بذلك لشيءٍ يعلوها كالزَّغَب‏.‏ والدليل على ذلك أنَّ ثَمَّ جنساً ليس عليه زَغَب يسمُّونه‏:‏ القَرْعَاء‏.‏ والشَّعْراء‏:‏ ذبابةٌ كأنَّ على يديها زَغَبا‏.‏

ومن الباب‏:‏ داهيةٌ شَعْراء، وداهيةٌ وَبْرَاء‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ ومن كلامهم إذا تكلَّمَ الإنسانُ بما استُعْظِمَ‏:‏ ‏"‏جئت بها شَعراءَ ذاتَ وبَر‏"‏‏.‏ وروضةٌ شَعْراء‏:‏ كثيرة النَّبْت‏.‏ ورملةٌ شَعْرَاء‏:‏ تُنبِت النَّصِيَّ وما أشبهه‏.‏ والشَّعراء‏:‏ الشَّجَر الكثير‏.‏

ومما يقرب من هذا الشَّعير، وهو معروف، فأمَّا الشعيرة‏:‏ الحديدة التي تُجعَل مِسَاكاً لنصل السّكِّين إذا رُكّب، فإنّما هو مشبَّه بحبّة الشَّعير‏.‏ والشَّعارير‏:‏ صِغار القِثَّاء‏.‏ والشِّعار‏:‏ ما وَلِيَ الجسدَ من الثِّياب؛ لأنّه يَمُسُّ الشَّعر الذي على البشَرة‏.‏

والباب الآخر‏:‏ الشِّعار‏:‏ الذي يتنادَى به القومُ في الحرب ليَعرِف بعضُهم بعضاً‏.‏ والأصلُ قولُهم شَعَرتُ بالشّيء، إذا علمتَه وفطِنْتَ له‏.‏ ولَيْتَ شِعْرِي، أي ليتني علِمْتُ‏.‏ قال قومٌ‏:‏ أصله من الشَّعْرة كالدُّرْبة والفِطنة، يقال شَعَرَت شَُِعْرة‏.‏ قالوا‏:‏ وسمِّي الشَّاعر لأنه يفطِن لما لا يفطن لـه غيرُهُ‏.‏ قالوا‏:‏ والدليل على ذلك قولُ عنترة‏:‏

هل غادَرَ الشُّعراءُ من مُتَرَدَّمِ*** أم هل عَرَفْتَ الدَّارَ بَعد توهُّم

يقول‏:‏ إنَّ الشّعراء لم يغادِرُوا شيئاً إلاّ فطِنُوا لـه‏.‏ ومَشَاعِرُ الحجّ‏:‏ مواضِع المَناسك، سمِّيت بذلك لأنَّها مَعالم الحجّ‏.‏ والشعِيرة‏:‏ واحدة الشَّعائر، وهي أعلامُ الحجّ وأعمالُه‏.‏ قال الله جل جلالُه‏:‏ ‏{‏إنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ‏}‏ ‏[‏البقرة 158‏]‏‏.‏ ويقال الشعيرة أيضاً‏:‏ البَدَنَة تُهدَى‏.‏ ويقال إشعارها أنْ يُجَزَّ أصل سَنامها حتَّى يسيلَ الدّمُ فيُعلَم أنّها هَدْي‏.‏ ولذلك يقولون للخليفة إن قُتِلَ‏:‏ قد أُشْعِر، يُختَصّ بهذا من دون كلِّ قتيل‏.‏ والشِّعْرى‏:‏ كوكبٌ، وهي مُشتهِرة‏.‏ ويقال أَشْعَرَ فلانٌ فلاناً شرّاً، إذا غَشِيه به‏.‏

وأشعَرَه الحبُّ مَرَضاً، فهذا يصلُح أن يكون من هذا الباب إذا جعل ذلك عليه كالعَلَم، ويصلح أن يكون من الأوّل، كأنّه جُعِلَ له شِعاراً‏.‏

فأمّا قولهم‏:‏ تفرّق القومُ شعاريرَ، فهو عندنا من باب الإبدال، والأصل شَعاليل، وقد مضى‏.‏

‏(‏باب الشين والغين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شغف‏)‏

الشين والغين والفاء كلمةٌ واحدة، وهي الشَّغَاف، وهو غِلاف القلب‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ شَغَفَهَا حُبَّاً‏}‏ ‏[‏يوسف 30‏]‏، أي أوصَلَ الحبَّ إلى شَغاف قلبها‏.‏

‏(‏شغل‏)‏

الشين والغين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الفَراغ‏.‏ تقول‏:‏ شَغَلْتُ فلاناً فأنا شاغِلُهُ، وهو مشغول‏.‏ وشُغِلْت عنك بكذا، على لفظ ما لم يسمَّ فاعلُه‏.‏ قالوا‏:‏ ولا يقال أُشغِلْت‏.‏ ويقال شُغْل شاغلٌ‏.‏ وجمع الشُّغْل أشغال‏.‏ وقد جاء عنهم‏:‏ اشتُغِلَ فلانٌ بالشيء، وهو مشتَغَل‏.‏ وأنشد‏:‏

حَيَّتكَ ثُمَّت قالت إنّ نَفْرَتَنَا*** اليومَ كلَّهم يا عُرْوَ مشتَغَلُ

وحكى ناسٌ‏:‏ أشْغَلَني بالألف‏.‏

‏(‏شغم‏)‏

الشين والغين والميم أصلٌ قليلُ الفروع صحيح، يدلُّ على حُسن‏.‏ يقال الشُّغْموم‏:‏ الحَسن‏.‏ والشُّغموم‏:‏ المرأة الحَسناء‏.‏ والشُّغموم من الإبل‏:‏ الحسن المنظرِ التامُّ‏.‏

‏(‏شغن‏)‏

الشين والغين والنون ليس بشيء، وليس لما ذكره ابنُ دريدٍ‏:‏ أنَّ الشغْنة الكارَةُ، أصلٌ ولا معنىً‏.‏

‏(‏شغو‏)‏

الشين والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على عَيب في الخِلْقة لبعض الأعضاء‏.‏ قالوا‏:‏ الشُغوُّ، من قولك رجلٌ أشغى وامرأة شَغْواء، وذلك إذا كانت أسنانه العُليا تتقدم السُّفْلَى‏.‏ وقال الخليل‏:‏ الشَّغا‏:‏ اختلاف الأسنان، ومنه يقال للعُقاب شَغْواء، وذلك لفَضْل منقارها الأعلى على الأسفل‏.‏ وزعم ناسٌ أنّ الشَّغَا الزيادة على عدد الأسنان‏.‏

‏(‏شغب‏)‏

الشين والغين والباء أصلٌ صحيح يدلّ على تهييج الشر، لا يكون في خير‏.‏ قال الخليل‏:‏ الشَّغَْب‏:‏ تهييج الشرّ، يقال للأتان إذا وَحِمَتْ واستعصَتْ على الجَأْب‏:‏ إِنَّها لذات شَغْب وضِغْن‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ يقال شَغَبْت على القوم وشَغْبتُهم وشَغبْتُ بهم‏.‏

‏(‏شغر‏)‏

الشين والغين والراء أصلٌ واحد يدلُّ عَلى انتشارٍ وخلوٍّ من ضبط، ثم يُحمَل عليه ما يقاربُه‏.‏ تقول العرب‏:‏ اشتَغَرت الإِبلُ، إذا كثرت حتى لا تكاد تُضبَط‏.‏ ويقولون‏:‏ تفرَّقوا شَغَرَ بَغَر، إذا تفرَّقوا في كلِّ وجه‏.‏ وكان أبو زيد يقول‏:‏ لا يقال ذلك إلاّ في الإقبال‏.‏

ومن الباب‏:‏ شَغَرَ الكلبُ، إذا رَفَعَ إحدى رجليه ليبول‏.‏ وهذه بلدة شاغرةٌ برجلها، إذا لم تمتَنِعْ من أحدٍ أن يُغِيرَ عليها‏.‏

والشِّغَار الذي جاء في الحديث، المنهيُّ عنه‏:‏ أنْ يقول الرجل للرجل زوِّجني أختَك على أن أزوِّجك أُختي، لا مهر بينهما إلا ذلك‏.‏ وهذا من الباب لأنَّهُ أمرٌ لم يُضْبَط بمهرٍ ولا شرطٍ صحيح‏.‏ وهو من شَغَر الكلبُ، إذا صار في ناحيةٍ من المَحَجَّة بعيداً عنها‏.‏

واشتغَرَ على فلانٍ حسابُه، إذا لم يهتدِ لـه‏.‏ واشتغَرَ فلان في الفلاة، إذا دوّم فيها وأَبْعَد‏.‏ وحكى الشيبانيّ‏:‏ شَغَرْتُ بني فلانٍ من موضع كذا، أي أخرجتُهم‏.‏ قال‏:‏

ونحن شَغَرْنَا ابني نزار كليهما*** وكلباً بوَقْعٍ مُرهبٍ متقاربِ

والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الشين والفاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شفق‏)‏

الشين والفاء والقاف أصلٌ واحد، يدلُّ على رِقَّةٍ في الشيء، ثم يشتقُّ منه‏.‏ فمن ذلك قولهم‏:‏ أشفقت من الأمر، إذا رَقَقْت وحاذَرت‏.‏ وربَّما قالوا‏:‏ شَفِقت‏:‏ وقال أكثر أهل اللغة‏:‏ لا يقال إلا أشفقت وأنا مُشْفِق‏.‏ فأمَّا قول القائل‏:‏

* كما شَفِقَتْ على الزّادِ العِيالُ*

فمعناه بَخِلَت به‏.‏

ومن الباب الشَّفَق من الثياب، قال الخليل‏:‏ الشَّفَق‏:‏ الرديء من الأشياء‏.‏ ومنه الشَّفَق‏:‏ النُّدأة‏:‏ التي تُرَى في السَّماء عند غُيُوبِ الشَّمس، وهي الحمرة‏.‏ وسمِّيت بذلك للونها ورقّتها‏.‏

وحدَّثنا عليُّ بن إبراهيمَ القَطَّان، عن المَعْداني، عن أبيه، عن أبي مُعاذ، عن اللَّيث عن الخليل قال‏:‏ الشَّفَق‏:‏ الحمرة التي بين غروب الشمس إلى وقت صلاةِ العشاء الآخرة‏.‏

وروى ابن نَجيح، عن مجاهدٍ قال‏:‏ هو النَّهار في قوله جلَّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ‏}‏ ‏[‏الانشقاق 16‏]‏‏.‏ وروى العَوّامُ بن حوشبٍ، عن مجاهد قال‏:‏ هي الحمرة‏.‏

وفي تفسير مقاتل، قال‏:‏ الشَّفَق‏:‏ الحمرة‏.‏ قال الزّجاج‏:‏ الشَّفَق هي الحمرة التي تُرَى في المغرِبِ بعد سُقوطِ الشمس‏.‏

وأخبرنا عليُّ بن إبراهيم، عن محمَّد بن فَرَج قال‏:‏ حَدَّنا سَلَمة، عن الفَرَّاء قال‏:‏ الشَّفَق الحمرة‏.‏

قال‏:‏ وحدثني ابن ‏[‏أبي‏]‏ يحيى، عن حُسَين بن عبد الله بن ضُمَيرة عن أبيه عن جدهِ يرفعه، قال‏:‏ الشَّفَق الحمْرة‏.‏

قال الفرّاء‏:‏ وقد سمعت بعضَ العرب يقول‏:‏ عليه ثوب مصبوغ كأنَّه الشفق، وكان أَحْمَر‏.‏ قال‏:‏ هذا شاهدٌ لمن قال إنَّه الحمرة‏.‏

‏(‏شفن‏)‏

الشين والفاء والنون أصلٌ يدلُّ على مداومة النّظَر، والأصل فيه قولهم للغَيُور الذي لا يَفْتُرُ عن النَّظَرِ‏:‏ شَفُون‏.‏ ومن الناس من يقول شَفَنَ يَشْفِنُ، إذا نظر بمُؤْخر عينه، وشَفِن أيضاً يشفَن شَفْناً، وهو شَفُونٌ وشافن‏.‏ وأنشد الخليل‏:‏

* حِذَار مرتقبٍ شَفُونِ*

قال الأمويّ‏:‏ الشَّفِن‏:‏ الكيِّس العاقل‏.‏ وكلُّ ذلك يقرُب بعضُهُ من بعض‏.‏

‏(‏شفي‏)‏

الشين والفاء والحرف المعتل يدل على الإشراف على الشيء؛ يقال أشفى على الشيء إذا أشرفَ عليه‏.‏ وسمِّي الشِّفاء شفاءً لغلَبته للمرض وإشفائه عليه‏.‏ ويقال استشفَى فلانٌ، إذا طَلَبَ الشِّفاء‏.‏ وشَفَى كلِّ شيء‏:‏ حَرْفه‏.‏ وهذا ممكنٌ أن يكون من هذا الباب، وممكنٌ أن يكون من الإبدال، وتكون الفاءُ مبدلةً من ياء‏.‏

ويقال أعطيتك الشّيءَ تستشفي به، ثم يقال أَشْفَيتُكَ الشيءَ، وهو الصحيح‏.‏ ويقال أَشْفَى المريضُ على الموت، وما بَقيَ منه إلا شَفىً أي قليل‏.‏ فأمَّا قول العجاج‏:‏

* أوْفَيْتُهُ قَبْلَ شَفىً أو بِشَفَى*

قالوا‏:‏ يريد إذا أشفت الشّمس على الغروب‏.‏

وأما الشَّفَة فقد قيل فيها إن الناقص منها واوٌ، يقال ثلاث شَفَوات‏.‏ ويقال رجلٌ أشْفَى، إذا كان لا ينضمّ شفتاه، كالأرْوَق‏.‏ وقال قوم‏:‏ الشَّفَة حذفت منها الهاء، وتصغيرها شُفَيْهة‏.‏ والمشافهة بالكلام‏:‏ مواجهةٌ من فيك إلى فيه‏.‏ ورجل شُفاهِيٌّ‏:‏ عظيم الشفتين‏.‏ والقولان محتملان، إلاَّ أنَّ الأول أجود لمقاربة القياس الذي ذكرناه، لأنَّ الشفتين تُشفِيان على الفم‏.‏

ومما شذَّ عن الباب قولهم‏:‏ شَفَهني فلانٌ عن كذا، أي شَغَلني‏.‏

‏(‏شفر‏)‏

الشين والفاء والراء أصلٌ واحد يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرْفِهِ‏.‏ من ذلك شَفْرَة السَّيف‏:‏ حَدُّه‏.‏ وشَفير البئر وشَفيرُ النَّهر‏:‏ الحدّ‏.‏ والشُّفْر‏:‏ مَنْبِت الهُدْب من العين، والجمع أشفار‏.‏ وشُفْر الفَرْج‏:‏ حروفُ أشَاعرِهِ‏.‏ ومِشْفَر البعير كالجَحْفَلة من الفَرَس‏.‏ والشَّفْرَة معروفة‏.‏ هذا كلُّه قياس واحد‏.‏ وأمّا قولُهم‏:‏ ما بالدار* شُفْر، وقولُ من قال‏:‏ معناه ليس بها أحدٌ فليس الأمر كذلك، إنما يراد بالشُّفْر شُفر العين، والمعنى ما بها ذو شُفْر، كما يقال ما بها عينٌ تطرف، يراد ما بها ذُو عين‏.‏ والذي حُكِيَ عن أبي زيد أنَّ شَفْرَة القوم أصغَرهم، مثل الخادم، فهذا تشبيهٌ، شُبِّهَ بالشَّفْرَة التي تُسْتَعمَل‏.‏

‏(‏شفع‏)‏

الشين والفاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مقارنة الشيئين‏.‏ من ذلك الشَّفْع خلاف الوَتْر‏.‏ تقول‏:‏ كان فرداَ فشفَعْتُه‏.‏ قال الله جل ثناؤه‏:‏?وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ? ‏[‏الفجر 3‏]‏، قال أهل التفسير‏:‏ الوَتْر الله تعالى، والشَّفْع الخلق‏.‏ والشُّفْعَة في الدار من هذا‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ سُمِّيَتْ شُفْعةً لأنَّه يَشفَع بها مالَه‏.‏ والشاة الشَّافع‏:‏ التي معها ولدُها‏.‏ وشَفَعَ فلانٌ لفلانٍ إذا جاء ثانِيه ملتمساً مطلبه ومُعِيناً له‏.‏

ومن الباب ناقَةٌ شَفُوع، وهي التي تجمع بين مِحْلَبَيْن في حَلْبَةٍ واحدة‏.‏ وحُكِيَ‏:‏ إنَّ فلاناً يشفع ‏[‏لي‏]‏ بالعداوة، أي يعين عليَّ‏.‏ وهذا قياس الباب، كأنَّه يصيِّر مَنْ يعاديه ‏[‏شَفْعاً‏]‏‏.‏ ومما شذَّ عن هذا الباب ولا نعلم كيف صحّتُه‏:‏ امرأةٌ مشفوعة، وهي التي أصابتها شُفْعَة، وهي العَين‏.‏ وهذا قد قيل، ولعلّهُ أنَّ يكون بالسِّين غير معجمة‏.‏ والله أعلم‏.‏

وبنو شافع، من بني المطّلِب بن عبد مناف، منهم محمد بن إدريس الشّافعيّ والله أعلم‏.‏

‏(‏باب الشين والقاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شقل‏)‏

الشين والقاف واللام ليس بشيء، وقد حُكيَ فيه ما لا يعرَّج عليه‏.‏

‏(‏شقن‏)‏

الشين والقاف والنون‏.‏ يقولون إنَّ الشَِّقْن‏:‏ القليل من العطاء؛ تقول‏:‏ شَقَنْتُ العَطِيَّة، إذا قلّلتَها‏.‏

‏(‏شقو‏)‏

الشين والقاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على المعاناة وخلاف السُّهولة والسّعادة‏.‏

والشِّقوة‏:‏ خلاف السعادة‏.‏ ورجلٌ شقيٌّ بين الشَّقاء والشِّقوة والشَّقاوة‏.‏ ويقال إنَّ المشاقاة‏:‏ المعاناة والممارسة‏.‏ والأصل في ذلك أنَّه يتكلّف العَناء ويَشقَى به، فإذا هُمِزَ تَغيَّر المعنى‏.‏ تقول‏:‏ شقأ نابُ البعير يَشْقَأ، إذا بدا‏.‏ قال‏:‏ الشَّاقئ‏:‏ النَّاب الذي لم يَعْصَل‏.‏

‏(‏شقب‏)‏

الشين والقاف والباء كلمةٌ تدل على الطُّول‏.‏ منها الرَّجُل الشّوقب‏.‏ ويقولون‏:‏ إنَّ الشَِّـقْب كالغار في الجبَل‏.‏

‏(‏شقح‏)‏

الشين والقاف والحاء أُصَيْل يدل على لونٍ غيرِ حسَن‏.‏ يقال‏:‏ شَقَّحَ النَّخْل، وذلك حين زُهُوِّه، ونُهِي عن بيعه قبل أَنْ يشقِّح‏.‏ والشَّقيح إتباع القبيح، يقال قبيحٌ شقيح‏.‏

‏(‏شقذ‏)‏

الشين والقاف والذال أُصَيل يدلُّ على قلَّة النَّوم‏.‏ يقولون‏:‏ إنَّ الشَّـقِْذ العينِ، هو الذي لا يكاد ينام‏.‏ قالوا‏:‏ وهو الذي يُصيب النَّاسَ بالعينِ‏.‏ فأما قولهم‏:‏ أَشْقَذْتُ فلاناً إذا طردتَه، واحتجاجُهم بقول القائل‏:‏

إِذَا غَضِبُوا عليَّ وأشقَذُوني*** فَصِرتُ كأنّني فَرَأٌ مُتارُ

فإنّ هذا أيضاً وإن كان معناه صحيحاً فإنه يريد رَمَزوني بعيونهم بِغضَةً، كما ينظر العدوُّ إلى من لا يحبُّه‏.‏

ومن الباب الشَّقْذاء‏:‏ العُقاب الشديدة الجُوع، سمّيت بذلك لأنَّها إذا كانت كذا ‏[‏كان ذلك‏]‏ أشدَّ لنظرها‏.‏ وقد قال الشُّعراء في هذا المعنى ما هو مشهور‏.‏ وذكر بعضهم‏:‏ فلانٌ يشاقِذُ فلاناً، أي يُعادِيه‏.‏ فأمَّا قولُهم‏:‏ ما به شَقَذ ولا نَقَذٌ‏.‏ فمعناه عندهم‏:‏ ما به انطلاق‏.‏ وهذا يبعد عن القياس الذي ذكرناه‏.‏ فإنْ صحَّ فهو من الشاذّ‏.‏

‏(‏شقر‏)‏

الشين والقاف والراء أصلٌ يدلُّ على لون‏.‏ فالشقرة من الألوان في الناس‏:‏ حُمرة تعلو البياض‏.‏ والشُّقرة في الخَيل حُمرةٌ صافية يَحمَرُّ معها السَّبيب والناصية والمَعْرَفة‏.‏ ويمكن أن يحمل على هذا الشَّقِر، وهو شقائق النُّعمان‏.‏ قال طرفة‏:‏

* وعَلاَ الخَيْلَ دماءٌ كالشَّقِرْ*

ومما ينفرد عن هذا الأصل كلماتٌ ثلاثٌ‏:‏ قولهم‏:‏ أخبرتُ فلاناً بشقُوري، أي بحالي*وأمري‏.‏ قال رؤبة‏:‏

جارِيَ لا تَستنكري عَذيرِي***

سَيرِي وإِشفاقي على بعيري

وكثرة الحديث عن شُقوري

والكلمة الثانية‏:‏ قولهم‏:‏ جاء بالشُّقَر والبُقَر، إذا جاء بالكذب‏.‏

والثالثة‏:‏ المِشْقَر، وهو رملٌ متصوِّبٌ في الأرض، وجمعه مَشَاقِر‏.‏

‏(‏شقص‏)‏

الشين والقاف والصاد ليس بأصلٍ يتفرّع منه أو يُقاس عليه‏.‏ وفيه كلمات‏.‏ فالشِّقْصُ طائفةٌ من شيء‏.‏ والمِشْقَص‏:‏ سهمٌ فيه نصلٌ عريض‏.‏ ويقولون‏:‏ إن كان صحيحاً إنَّ الشَّقِيص في نعت الفرس‏:‏ الفارِهُ الجَواد‏.‏

‏(‏شقع‏)‏

الشين والقاف والعين كلمةٌ واحدة‏.‏ يقولون شَقَع الرَّجُل في الإناء، إِذا شرِب‏.‏ وهو مثل كرَع‏.‏

‏(‏باب الشين والكاف وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شكل‏)‏

الشين والكاف واللام مُعظمُ بابِهِ المُماثَلة‏.‏ تقول‏:‏ هذا شَِكل هذا، أي مِثله‏.‏ ومن ذلك يقال أمرٌ مُشْكِل، كما يقال أمر مُشْتبِه، أي هذا شابَهَ هذا، وهذا دخل في شِكل هذا، ثم يُحمل على ذلك، فيقال‏:‏ شَكَلتُ الدّابةَ بِشكالِهِ، وذلك أنَّه يجمع بين إحدى قوائمهِ وشِكْلٍ لها‏.‏ وكذلك دابّة بها شِكال، إذا كان إحدى يديه وإحدى رجليه مُحَجَّلا‏.‏ وهو ذاك القياس؛ لأنَّ البياض أخذَ واحدةً وَشَِكْلَها‏.‏

ومن الباب‏:‏ الشُّكلة، وهي حُمرةٌ يخالطها بياض‏.‏ وعينٌ شَكْلاء، إذا كَانَ في بياضها حُمرة يسيرة‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ ويسمَّى الدَّمُ أشكلَ، للحمرة والبياض المختلطين منه‏.‏ وهذا صحيح، وهو من الباب الذي ذكرناه في إشكال هذا الأمر، وهو التباسه؛ لأنَّها حُمرةٌ لابَسَها بياض‏.‏

قال الكسائيّ‏:‏ أشكلَ النَّخْل، إِذا طابَ رُطَبُه وأَدرَك‏.‏ وهذا أيضاً من الباب؛ لأنَّه قد شاكل التَّمر في حلاوَتِه ورُطوبَتهِ وحُمرته‏.‏ فأمَّا قولُهم‏:‏ شَكَلت الكتاب أشْكُله شكْلاً، إِذا قيَّدْتَه بعلامات الإعراب فلستُ أحْسِبه من كلام العرب العاربة، وإِنما هو شيءٌ ذكره أهلُ العربيَّة، وهو من الألقاب المولَّدة‏.‏ ويجوز أن يكون قد قاسوه على ما ذكرناه؛ لأنَّ ذلك وإن لم يكن خطّاً مستوياً فهو مُشاكلٌ له‏.‏

وممّا شذّ عن هذا الأصل‏:‏ شاكِل الدَّابَّة وشاكلتُه، وهو ما عَلاَ الطِّفْطِفَةَ منه‏.‏ وقال قُطرب‏:‏ الشَّاكِل‏:‏ ما بين العِذار والأُذن من البياض‏.‏

ومما شذّ أيضاً‏:‏ الشَّكلاء، وهي الحاجة، وكذلك الأَشْكَلَة‏.‏ وبنو شَكَل‏:‏ بطنٌ من العرب‏.‏

ومن هذا الباب‏:‏ الأَشْكَل، وهو السِّدْر الجبَليّ‏.‏ قال الراجز‏:‏

* عُوجاً كما اعوَجَّت قِياسُ الأَشْكَلِ*

‏(‏شكم‏)‏

الشين والكاف والميم أصلان صحيحان‏:‏ أحدهما يدلُّ على عطاء، والآخر يدلُّ على شِدَّةٍ في شيءٍ وقوّة‏.‏

فالأوّل‏:‏ الشَّكْمُ وهو العطاء والثَّواب‏.‏ يقال شَكَمني شَكْماً، والاسم الشُّكْم‏.‏ وجاء في الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ‏[‏احتَجَمَ ثم قال‏:‏ ‏"‏اشْكُمُوه‏"‏‏]‏، أي أعطوه أَجْره‏.‏ وقال الشاعر‏:‏

أم هل كبيرٌ بكَى لم يَقْضِ عَبْرته*** إِثْرَ الأَحِبَّة يومَ البينِ مشكومُ

وقال آخر‏:‏

أبلِغْ قتادةَ غيرَ سائِلِهِ*** منه العطاءَ وعاجلَ الشُّكْمِ

والأصل الآخر‏:‏ الشّكيمة‏:‏ أي شِدة النفس‏.‏ والشكيمة شكيمة اللِّجام، وهي الحديدة المعترضة التي فيها الفأس، والجمع شكائم‏.‏ وحكى ناس‏:‏ شكَمه، أي عضّه‏.‏ والشَّكيم‏:‏ العَضّ في قول جرير‏:‏

* أَصابَ ابن حمراءِ العِجانِ شكيمُها*

وشكيم القدر‏:‏ عُراها‏.‏

‏(‏شكه‏)‏

الشين والكاف والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مشابَهةٍ ومقارَبة‏.‏ يقال‏:‏ شاكَهَ الشيءُ ‏[‏الشيءَ‏]‏ مشاكهةً وشِكاهاً، إِذا شابَهه وقاربَه‏.‏ وفي المثل‏:‏ ‏"‏شاكِهْ، أبا يسارٍ‏"‏ أي قارِبْ‏.‏ وحُكي عن أبي عمرو بن العلاء‏:‏ أشْكَه الأمر، إذا اشْتَبه الأمر‏.‏

‏(‏شكو‏)‏

الشين والكاف والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على توجُّع من شيء‏.‏ فالشّكو المصدر؛ شكوته ‏[‏شكْواً، و‏]‏ شَكاةً، وشِكايةً‏.‏ وشكوتُ فلاناً فأشكاني، أي أعتبني من شَكواي‏.‏ وأشكاني، إذا فعل بك ما يُحوِجُك إلى شكايته‏.‏ والشَّكاة والشِّكاية بمعنى‏.‏ والشكِيّ‏:‏ الذي يشتكي وجعاً‏.‏ والشكِيُّ المشكوِّ أيضاً؛ شكَوتُه فهو شَكِيٌّ ومشكوٌّ‏.‏

‏(‏شكد‏)‏

الشين والكاف والدال أصلٌ‏.‏ يقولون‏:‏ إنَّ الشُّكد‏:‏ الشُّكر‏.‏ وسمعت علي بن إبراهيم القطّان يقول‏:‏ سمعت عليّ بن عبد العزيز يقول‏:‏ سمعت أبا عبيد يقول‏:‏ سمعت الأمويّ يقول‏:‏ الشُّكد‏:‏ العَطاء، والشُّكم‏:‏ الجَزاء، والمصدر‏:‏ الشَّكْد‏.‏ وقال الكسائيّ‏:‏ الشُّكم‏:‏ العِوَض‏.‏ والأصمعيُّ يقول الشُّكم والشُّكْد‏:‏ العطاء‏.‏

‏(‏شكر‏)‏

الشين والكاف والراء أصولٌ أربعةٌ متباينةٌ بعيدة القياس‏.‏ فالأول‏:‏ الشُّكر‏:‏ الثَّناء على الإنسان بمعروف يُولِيكَهُ‏.‏ ويقال إنَّ حقيقة الشُّكر الرِّضا باليسير‏.‏ يقولون‏:‏ فرسٌ شَكور، إذا كفاه لسِمَنِه العلفُ القليل‏.‏ وينشدون قول الأعشى‏:‏

ولابُدَّ مِنْ غَزوةٍ في المَصِيـ*** ـف رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورا

ويقال في المثل‏:‏ ‏"‏أَشْكَرُ مِنْ بَرْوَقَة‏"‏، وذلك أنَّها تخضرّ من الغيم من غير مطَر‏.‏

والأصل الثاني‏:‏ الامتلاء والغُزْر في الشيء‏.‏ يقال حَلُوبة شَكِرَةٌ إِذا أصابت حَظّاً من مرعىً فَغزُرت‏.‏ ويقال‏:‏ أشكر القومُ، وإنهم ليحتلبون شَكِرَةً، وقد شَكِرت الحَلُوبة‏.‏ ومن هذا الباب‏:‏ شَكِرَت الشّجرةُ، إذا كَثُر فيئُها‏.‏

والأصل الثالث‏:‏ الشَّكير من النبات، وهو الذي ينبُت من ساق الشَّجرة، وهي قُضبان غضّة‏.‏ ويكون ذلك في النَّبات أوّلَ ما ينبُت‏.‏ قال‏:‏

* حَمَّم فرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ*

والأصل الرابع‏:‏ الشَّكْر، وهو النِّكاح‏.‏ ويقال بل شَكْر المرأةِ‏:‏ فَرْجها‏.‏ وقال يحيى بن يعمر، لرجلٍ خاصمته امرأتُه‏:‏ ‏"‏إن سأَلَتْكَ ثَمن شَكْرِها وشَبْرِك أَنشأْتَ تطُلُّها وتَضْهَلها‏"‏‏.‏

‏(‏شكع‏)‏

الشين والكاف والعين أصلٌ يدل على غضَب وضجرٍ وما أشبه ذلك‏.‏ يقال شَكِعَ الرَّجُل، إذا كثُر أنينُه‏.‏ وكذلك الغضبان إذا اشتدَّ غضبُهُ، يَشْكَع شَكَعاً‏.‏

وقد حكَوْا كلمتين أخريين ما أدري ما صحتهما‏؟‏ قالوا‏:‏ شَكَعَ رأسَ بعيرِهِ بزمامه، إذا رَفَعَه‏.‏ ويقولون‏:‏ شَكِعَ الزَّرعُ، إِذا كَثُر حَبُّه‏.‏

‏(‏باب الشين واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شلو‏)‏

الشين واللام والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء، وقد يقال الجسدُ نفسه‏.‏ فيقول أهلُ اللُّغة‏:‏ إنَّ الشِّلو العُضو‏.‏ وفي الحديث عن عليّ عليه السلام‏:‏ ‏"‏ايتِني بِشلوها الأيمن‏"‏‏.‏ ويقال إنَّ بني فلانٍ أشلاءٌ في بني فلان، أي بقايا فيهم‏.‏ وكان ابن دريد يقول‏:‏ ‏"‏الشِّلو شِلو الإنسان، وهوجَسَدُه بعد بِلاهُ‏"‏‏.‏ والذي ذكرناه من حديث عليّ ‏"‏ايتني بشِلْوها الأيمن‏"‏ يدلُّ على خلاف هذا القول‏.‏ فأمَّا إشلاء الكلب، فيقولون‏:‏ إشلاؤه‏:‏ دعاؤه‏.‏ وحُجّته قولُ القائل‏:‏‏

* أشليتُ عَنزِي ومسحتُ قَعْبِي*‏

وهذا قياسٌ صحيح، كأنّك لمّا دعوتَه أشليته كما يُشتَلى الشِّلو من القِدر، أي يرفع‏.‏ وناسٌ يقولون‏:‏ أشليتُه بالصَّيد‏:‏ أغريتُهُ، ويحتجُّون بقول زيادٍ الأعجم‏:‏‏

أتينا أبا عمروٍ فأَشْلَى كلابَه*** علينا فكِدْنا بين بَيْتَيْهِ نُؤكَلُ‏

وحدّثَنا عليُّ بن إبراهيمَ القطان، عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ قال‏:‏ يقال‏:‏ أشليتُهُ، إذَا أغريْتَه‏.‏‏

‏(‏شلح‏)‏

الشين واللام والحاء ليس بشيء‏.‏ يقولون‏:‏ إنَّ الشَّلْحاء‏:‏ السَّيف‏.‏‏

‏(‏باب الشين والميم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شمت‏)‏

الشين والميم والتاء أصلٌ صحيح، ويشذُّ عنه بعضُ ما فيه إشكالٌ وغموض‏.‏ فالأصل فرَحُ عدوٍّ ببليّةٍ تصيبُ مَنْ يعاديهِ‏.‏ يقال‏:‏ شَمِتَ به يَشْمَت شَماتةً، وأشمَتَه الله عزّ وجلّ بعدوِّه‏.‏ وفي كتاب الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ‏}‏ ‏[‏الأعراف 149‏]‏،‏.‏ ويقال بات فلانٌ بليلةِ الشَّوامت، أي بليلة سَوء تُشمت به الشَّوامت‏.‏ قال‏:‏

فارتاعَ مِن صوتِ كَلاَّبٍ فبات لـه*** طَوعَُ الشَّوامتِ مِنْ خوفٍ ومن صَرَدِ

ويقال‏:‏ رجع القوم شَمَاتَى أو شِمَاتاً من متوجَّههم، إِذا رَجَعُوا خائبين‏.‏ قال ساعدة في شعره‏.‏

والذي ذكرتُ أنَّ فيه غموضاً واشتباهاً فقولهم في تشميت العاطس، وهو أَنْ يقالَ عند عُطاسه‏:‏ يرحُمُك الله‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أنَّ رجُلين عَطَسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فشمَّتَ أحدَهما ولم يشمِّت الآخر، فقيل لـه في ذلك، فقال‏:‏ إنَّ هذا حمِدَ الله عزَّ وجلَّ وإنَّ الآخرَ لم يَحمَد الله عزَّ وجلَّ‏"‏‏.‏ قال الخليل‏:‏ تشميت العاطِس دعاءٌ لـه، وكلُّ داعٍ لأحدٍ بخير فهو مشمِّتٌ لـه‏.‏ هذا أكثرُ ما بلَغَنَا في هذه الكلمة، وهو عِندي من الشّيء الذي خفيَ عِلْمُهُ، ولعلّه كانَ يُعلَم قديماً ثمَّ ذَهَبَ بذهاب أهله‏.‏

وكلمة أخرى، وهو تسْمِيَتهم قوائم الدّابّة‏:‏ شوامت‏.‏ قال الخليل‏:‏ هو اسمٌ لها‏.‏ قال أبو عمرو‏:‏ يقال‏:‏ لا ترك الله لـه شامِتة‏:‏ أي قائمة‏.‏ وهذا أيضاً من المشِكل؛ لأنَّه لا قياس يقتضي أن تسمَّى قائمةُ ذي القوائم شامتة‏.‏ والله أعلم‏.‏

‏(‏شمج‏)‏

الشين والميم والجيم أصلٌ يدل على الخلْط وقلّة ائتلافِ الشيء‏.‏ يقال شَمَجه يَشْمُجُه شَمْجاً، إذا خلطه‏.‏ وما ذاق شَمَاجاً، أي شيئاً من طعام‏.‏ ويقولون‏:‏ شَمَجوا، إذا اختبزوا خبزاً غِلاظاً، ويستعار هذا حتَّى يقال للخياطة المتباعدة شَمْج‏.‏ يقال شمج الثوبَ شَمْجَاً يَشْمُج‏.‏ وقياس ذلك كله واحد‏.‏

‏(‏شمخ‏)‏

الشين والميم والخاء أصلٌ صحيح يدل على تعظُّم وارتفاع‏.‏ يقال جَبَلٌ شامخٌ، أي عالٍ‏.‏ وشَمَخَ فلانٌ بأنفه، وذلك إذا تَعَظَّمَ في نفسه‏.‏ وشَمْخٌ‏:‏ اسم رجل‏.‏

‏(‏شمر‏)‏

الشين والميم والراء أصلان متضادّان، يدلُّ أحدُهما على تقلّص وارتفاع، ويدلُّ الآخر على سَحْبٍ وإِرسال‏.‏

فالأوّل قولهم‏:‏ شمَّر للأمر أذياله‏.‏ ورجل شَمّرِيٌّ‏:‏ خفيف في أمره جادٌّ قد تشمَّرَ له‏.‏ ويقال شاةٌ شامرٌ‏:‏ انضمَّ ضَرْعُها إلى بَطْنها‏.‏ وناقة شِمِّير‏:‏ مشمِّرة سريعة، في شعر حُميد‏.‏

والأصل الآخر‏:‏ يقال شَمَرَ يَشْمُر، إِذا مَشَى بخُيَلاء‏.‏ ومَرَّ يَشْمُر‏.‏ ويقال منه‏:‏ شَمَّرَ الرَّجُل السَّهمَ، إِذا أَرسَلَه‏.‏

‏(‏شمس‏)‏

الشين والميم والسين أصلٌ يدلُّ على تلوُّنٍ وقِلَّة استقرار‏.‏ فالشَّمس معروفة، وسمِّيت بذلك لأنَّها غير مستقرّة، هي أبداً متحرّكة‏.‏ وقُرئَ‏:‏‏{‏والشَّمْسُ تَجْرِي لاَ مُسْتَقَرَّ لَهَا‏}‏ ‏[‏يس 38‏]‏‏.‏ ويقال شَمَسَ يومُنا، وأشمس، إذَا اشتدّت شمسُهُ‏.‏ والشَّموس من الدوابّ‏:‏ الذي لا يكاد يستقرّ‏.‏ يقال شَمَسَ شِماساً‏.‏ وامرأةٌ شَموسٌ، إِذا كانت تنفر من الرِّيبَة ولا تستقرُّ عندها؛ والجمع شُمُس‏.‏ قال‏:‏

شمُسٌ مَوَانِعُ كلِّ ليلةِ حُرَّةٍ*** يُخْلِفْن ظنَّ الفاحش المِغيارِ

ورجلٌ شموسٌ، إِذا كان لا يستقرُّ على خُلُق، وهو إلى العُسْر ما هو‏.‏ ويقال شمِسَ لي فلانٌ، إِذا أبدَى لك عداوتَهُ‏.‏ وهذا محمولٌ على ما ذكرناهُ من تغيُّر الأخلاق‏.‏ فهذا قياسُ هذا الاسم، وأمَّا ما سمَّت العرب به فقال ابن دريد‏:‏ ‏"‏وقد سمَّت العرب عَبد شمسٍ‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏وقال ابنُ الكلبيّ‏:‏ الشّمس صَنَمٌ قديم‏.‏ ولم يذكرْه غيره‏"‏‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏وقال قوم‏:‏ شَمْسُ‏:‏ عين*ماءٍ معروفة‏.‏ وقد سمت العرب عَبْشَمس، وهم بنو تميم، وإليهم يُنسَب عبشمِيّ‏"‏‏.‏

‏(‏شمص‏)‏

الشين والميم والصاد كلمةٌ واحدة‏.‏ يقال شَمَصْتُ الفَرس، إِذا نَزَّقْتَه ليتحرَّك‏.‏ ويقال شمَّص إبلَه، إذا طردها طرداً عنيفاً‏.‏

‏(‏شمط‏)‏

‏[‏وأما‏]‏ الشين والميم والطاء فقياس صحيحٌ يدلُّ على الخُلْطَة‏.‏ من ذلك الشَّمَط، وهو اختلاطُ الشَّيب بسَواد الشّباب‏.‏

ويقال لكل خليطين خلطتهما‏:‏ قد شَمَطتُهما، وهما شَمِيط‏.‏ وقال‏:‏ وبِهِ سُمّي الصّباح شَمِيطاً لاختلاطه بباقي ظُلمة اللَّيل‏.‏ وقالوا‏:‏ قال أبو عمرو‏:‏ يقال أشمَطُوا حديثاً مرّة وشِعراً مَرّة‏.‏

ومن الباب‏:‏ الشَّمَاطيط‏:‏ الفِرق؛ يقال جاء الخَيل شَماطِيطَ‏.‏ ويقولون‏:‏ هذه القدر تَسَعُ شاةً بشَمْطِها وَبِشِمْطِها، أي بما خُلِطَ معها من تَوابلها‏.‏

‏(‏شمع‏)‏

الشين والميم والعين أصلٌ واحد وقياسٌ مطّرد في المِزاح وطِيب الحديث والفَكاهة وما قاربَ ذلك، وأصلُهُ قولهم‏:‏ جاريةٌ شَموع، إِذا كانت حسنةَ الحديثِ طَيِّبة النَّفْس مَزَّاحة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏مَنْ تَتَبَّع المَشمَعة يُشَمِّع الله به‏"‏‏.‏ وقال بعض أهل العلم‏:‏ المَشْمَعَة‏:‏ المِزاحُ والضّحك، ومعنى ذلك أنَّ من كانت هذه حالَه وشأنَه؛ لا أنَّه كرِهَ المِزاح والضَّحك جملةً إذا كانا في غير باطلٍ وتهزُّؤ‏.‏ قال الهذليُّ وذكر ضَيْفَهُ‏:‏

سَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشْمَعَةٍ وآتِي*** بِجُهْدِي مِنْ طعامٍ أو بِساطِ

يريد أنَه يبدأ ضِيفَانَه عند نزولهم بالمزاح والمضاحكة؛ ليُؤنسَهم بذلك‏.‏

ومن الباب‏:‏ أَشْمَعَ السِّرَاجُ، إِذا سَطَعَ نورُه‏.‏ قال‏:‏

* كَلَمعِ بَرقٍ أو سِرَاجٍ أَشْمَعا*

وأمَّا الشَّمَْعُ فيقال بسكون الميم وفتحها، وهو معروف، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرته‏.‏

‏(‏شمق‏)‏

الشين والميم والقاف يقولون إِنَّه أصلٌ صحيح، ويذكرون فيه الشَّمَق، وهو إما النَّشَاط، وإِمَّا الوَلوع بالشيء‏.‏

‏(‏شمل‏)‏

الشين والميم واللام أصلان منقاسان مطّردان، كل واحدٍ منهما في معناه وبابه‏.‏

فالأوّل يدلُّ على دَوَران الشيء بالشيء وأخْذِهِ إيّاه من جوانبه‏.‏ من ذلك قولهم‏:‏ شَمَِلَهم الأمرُ، إذا عمَّهم‏.‏ وهذا أمرٌ شاملٌ‏.‏ ومنه الشَّملَة، وهي كساءٌ يُؤتَزَرُ به ويُشْتَمَل‏.‏ وجمع الله شَمْله، إِذا دَعَا له بتألُّف أموره، وإِذا تألَّفَتْ اشتمل كلُّ واحدٍ منهما بالآخر‏.‏

ومن الباب‏:‏ شملت الشاة، إِذا جعلتَ لها شِمالاً، وهو وعاء كالكيس يدُخَل فيه ضرعُها فيشتمل عليه‏.‏ وكذلك شَمَلْتُ النَّخلَة، إِذا كانت تنفضُ حَمْلَها فشُدَّت أعذاقُها بقِطَع الأكسية‏.‏

ومن الباب‏:‏ المِشْمل‏:‏ سيفٌ صغير يَشْتَمِل الرَّجُل عليه بثوبه‏.‏

والأصل الثاني يدلُّ على الجانب الذي يخالف اليمين‏.‏ من ذلك‏:‏ اليد الشِّمال، ومنه الرِّيح الشِّمال لأنها تأتي عن شمال القِبلة إذا استند المستنِد إليها من ناحية قِبلة العراق‏.‏ وفي الشمول، وهي الخمر، قولان‏:‏ أحدهما أنَّ لها عَصْفَةً كعَصْفَة الريح الشمال‏.‏ والقول الثّاني‏:‏ أنّها تَشمَل العقل‏.‏ وجمع شِمال أَشْمُل‏.‏ قال أبو النجم‏:‏

* يأتي لها من أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ*

ويقال غديرٌ مشمول‏:‏ تضرِبُهُ ريحُ الشِّمال حتى يبرُد‏.‏ ولذلك تسمَّى الخمر مشمولة، أي إِنَّها باردة الطَّعم‏.‏ فأمَّا قول ذي الرُّمَّة‏:‏

وبالشَّمائل من جَِلاّنَ مُقتِنصٌ*** رَذْل الثِّياب خفيُّ الشَّخصِ مُنْزَرِبُ

فيقال إنَّه أراد القُتَر، واحدتها شمالة‏.‏ فإن كان أراد هذا فكَأنَّه شَبَّه القُتْرَة بالشِّمالة التي تُجعَل للضَّرع‏.‏ وقد ذكرناها‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّه أراد بناحية الشِّمال‏.‏

وممّا شذَّ عن هذين البابين، الشَّمَلةَ‏:‏ ما بقي في النَّخلة من رُطَبها‏.‏ يقال‏:‏ ما بقي فيها إلاَّ شماليل‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ الشَّماليل ما تشعَّبَ من الأغصان‏.‏ و*الشَّمْلَلَة‏:‏ السرعة، ومنه الناقة الشِّملال والشِّمْليل‏.‏ قال‏:‏

حرفٌ أخُوها أبوها من مُهجَّنةٍ*** وعمُّها خَالُها قَوْداءُ شِمليلُ

‏(‏باب الشين والنون وما يثلثهما‏)‏

‏(‏شنأ‏)‏

الشين والنون والهمزة أصلٌ يدلُّ على البِغضة والتجنُّب للشيء‏.‏ من ذلك الشَّنُوءَة، وهي التقزُّز؛ ومنه اشتقاق أَزْدِشَنوءة‏.‏ ويقال‏:‏ شَنِئَ فُلانٌ فلاناً إِذا أَبغَضَه‏.‏ وهو الشَّنَآن، وربما خَفَّفوا فقالوا‏:‏ الشَّنَان‏.‏ وأنشدوا‏:‏

فما العيشُ إلاَّ ما تَلَذُّ وتَشْتَهي*** وإِنْ لاَمَ فيه ذو الشَّنَانِ وأَفْنَدَا

والشنْءُ‏:‏ الشَّنَآن أيضاً‏.‏ ورجلٌ مِشناءٌ على مِفعال، إِذا كان يُبْغِضُه النَّاسُ‏.‏ وأمَّا قولهم شَنِئْت للأمر وبه، إِذا أَقرَرْت، وإِنشادُهم‏:‏

فلو كان هذا الأمرُ في جاهليَّةٍ*** شَنِئْتَ به أو غَصَّ بالماء شاربُه

‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

‏(‏شنب‏)‏

الشين والنون والباء أصلٌ يدلُّ على بردٍ في شيء‏.‏ يقولون‏:‏ شَنِب يومُنا، فهو شَنِب وشانب، إِذا برد‏.‏

ومن ذلك الثّغر الأشنب، هو البارد العذب‏.‏ قال‏:‏

* يا بِأبي أنتِ وفُوكِ الأَشْنَبُ*

‏(‏شنث‏)‏

الشين والنون والثاء ليس بأصل، وفيه كلمة‏.‏ يقولون‏:‏ شَنِثَت مَشافِر البعير، إِذا غلظت من أكل الشَّوْك‏.‏

‏(‏شنج‏)‏

الشين والنون والجيم كلمةٌ واحدةٌ، وهو الشَّنَجُ، وهو التقبُّض في جلدٍ وغيره‏.‏

‏(‏شنح‏)‏

الشين والنون والحاء كلمة واحدة، وهي الشَّناحِيُّ، وهو الطويلُ، يقال هو شَنَاحٌ كما ترى‏.‏

‏(‏شنص‏)‏

الشين والنون والصاد كلمة إن صحت‏.‏ يقولون‏:‏ فَرَس شَناصِيٌّ، أي طويل‏.‏ قال‏:‏

* وشَنَاصيٌّ إِذا هِيجَ طَمَرْ*

ويقال‏:‏ إنما هو نَشَاصيٌّ‏.‏ وحكى‏:‏ شَنَِصَ به، مثل سَدِك‏.‏

‏(‏شنع‏)‏

الشين والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على رفْع الذِّكر بالقبيح‏.‏ من ذلك الشَّناعة‏.‏ يقال شَنُع الشيءُ فهو شنيع‏.‏ وشَنَعتُهُ، إذا قهرتَه بما يكرهه‏.‏ وذكر ناسٌ شَنَعَ فلانٌ فلاناً، إِذا سَبَّه‏.‏ وأنشدوا لكُثَـيِّر‏:‏

وأسماءُ لا مَشنوعةٌ بمَلالةٍ*** لَدَيْنا‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

ويحملون على هذا فيقولون‏:‏ تشنَّعت الإبل في السير، إذا جدَّت‏.‏ وإنما يكون ذلك في أرفعِ السَّير، فيعود القياسُ إلى ما ذكرناهُ من الارتفاع وإن لم يكن في ذلك قبح‏.‏

‏(‏شنف‏)‏

الشين والنون والفاء كلمتان متباينتان‏:‏ أحدهما الشَّنْف، وهو من حَلْي الأذُن‏.‏ والكلمة الأخرى‏:‏ الشَّنَف‏:‏ البُغض‏.‏ يقال شَنِف له يَشْنَف شنَفاً‏.‏

‏(‏شنق‏)‏

الشين والنون والقاف أصلٌ صحيح منقاس، وهو يدلُّ على امتدادٍ في تعلّقٍ بشيء، من ذلك الشِّناق، وهو الخيط الذي يُشَدُّ به فمُ القربة‏.‏ وشَنَقَ الرَّجل بزمام ناقته، إذا فعل بها كما يفعل الفارسُ بفرسه، إذا كَبَحَه بلجامه‏.‏ ويقال إنَّ الشَّنَق‏:‏ طولُ الرأس، كأنما يمتدُّ صُعُداً‏.‏ وفرسٌ مشنوق‏:‏ طويل‏.‏

ومن الباب وهو قياسٌ صحيح‏:‏ الشَّنَق نِزَاع القلب إلى الشيءِ، وذلك أنَّه لا يكون إلاّ عن عَلَقٍ، فقد يصحُّ القياس الذي ذكرناه‏.‏

فأمَّا الأشناق فواحدها شَنَق، وهو ما دون الدِّية الكاملة، وذلك أن يسوق ذُو الحمالة ديةً كاملةً، فإذا كانت معها دياتُ جراحاتٍ دون التمام فتلك الأشناق، وكأنّها متعلِّقة بالدِّية العُظمى‏.‏ والذي أراده الشاعر هذا بقوله‏:‏

قَرْمٌ تُعَلَّقُ أشناقُ الدِّيات به*** إِذا المئُون أُمِرَّتْ فَوقَه حَمَلاَ

والشَّنَق، في الحديث‏:‏ ما دون الفريضتين، وذلك في الإبل والغنم والبقر‏.‏ وهو قولـه صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏لا شِناق‏"‏، أي لا يُؤخذ في الشَّنَق فَريضة حتى تتمّ‏.‏

ومن الباب اللحم المشَنَّق، وهو المشَرَّح المقطَّع طُولاً‏.‏ قال الأمويّ‏:‏ يقال للعجين الذي يُقطَّع ويعمل بالزيت*‏:‏ مشَنّق‏.‏ ولا يكون ذلك إلا وفيه طول‏.‏